المقدمة: (طرح الإشكالية )
الإنسان كائن إجتماعي بطبعة يتعامل مع غيره ووسيلته في ذلك اللغة, ولقد أصبح من الشائع لدى بعض الفلاسفة ان الألفاظ حصون المعاني لكن هناك من يعارض ذلك وهم أصحابالإتجاه الثنائي ولقد تقرر لدي رفض الأطروحة <الإتجاه الواحدي> والمشكلة المطروحة كيف نبطل ذلك؟
[size="5"]التحليل : محاولة حل الإشكالية الجزء الأول إن الأطروحة القائلة <الألفاظ حصون المعاني > أطروحة باطلة وذلك بوجود عدة مبررات تدفعنا إلى ذلك ومن الناحية الواقية كثيرا مايتراجع الإنسان عن كتابة بعض الكلمات أو يتوقف عن الكلام والسبب في ذلك أن الألفاظ تخونه أي رغم وجود المعاني إلا أنه لايستطيع التعبير عنها وقد يعود السبب إلى عدم القدرة الألفاظ على إحتواء المعاني العميقة والمشاعر الدافئة والعواطف الجياشة لذلك قيل إذا كانت كلماتي من ثلج فكيف تتحتوي بداخلها النيران ومن الأمثلة التي توضح ذلك أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ولدها قد تلجأ إلى الدموع , وهذا يبرر عجز اللغة الجزء الثاني إن هذه الأطروحة لها مناصرين وعلى رأسهم جون لوك الذي قال << اللغة سلسلة من الكلمات تعبر عن كامل الفكر >> ولكن كلامه لايستقيم أمام النقد لأن الألفاظ محصلة ومحدودة بينما المعاني مبسوطة وممدودة وكما قال أبو حيان التحيدي << ليس في قوة اللفظ من أي لغة كان أن يملك ذلك المبسوط (المعاني ) ويحيط به >> وكذلك ترى الصوفيةيلجأون إلى حركات ورقصات لأن الألفاظ لم تستطع إخراج جميع مشاعرهم .
الجزء الثالث إن الأطروحة القائلة الألفاظ حصون المعاني يمكن رفعها ( إبطالها) بطريقتين : شخصية وهذا ماحدث لي عندما إلتقيت بزميلي لم أره منذ مدة حيث تلعثم لساني ولم أستطع التعبير عن مشاعرالإشتياق نحوه , إن الألفاظ في هذه الحالة قتلت المعاني ونجد بركسون أبطل هذه الأطروحة وحجته أن اللغةمن طبيعة إجتماعية وموضوعية بينما الفكر ذاتي وفردي .
الخاتمة : حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة مجموعة من الإشارات والرموز تستعمل للإتصال والتواصل والفكر خاصية ينفرد بها الإنسان وقد تبين لنا أن هناك من يربط بين الفكر واللغة مما دفعنا إلى رفض هذه الأطروحة ونقدمسلماتها والرد على حججها وبالنظر ما سبق ذكره نصل إلى حل هذه الإشكالية إن الطروحة القائلة < الألفاظ حصون المعاني >أطروحة باطلة ويجب رفضه
إن لفظ اللغة عند عامة الناس يرتبط بالكلام، حيث يوصف الشخص الذي يمارس لغة معينة بأنه يتكلم تلك اللغة. لكن هذا الارتباط الظاهري بين اللغة والكلام يمكن فكه بملاحظة بسيطة وهي أن الكلام هو عبارة عن حدث ذو بعد واحد هو البعد الزمني، سرعان ما ينتهي بانتهاء التلفظ به رغم أنه يبقى قابلا للتكرار والتجديد. أما اللغة فهي ما يتبقى عندما ينتهي الكلام على شكل كلمات وحروف مرسومة وقواعد من أجل توظيفها واستعمالها. يظهر هذا الارتباط كذلك من خلال بعض المعاجم الكلاسيكية، حيث جاء في لسان العرب التعريف التالي: ” اللغة هي أصوات يعبر بها قوم عن أغراضهم.” لكن الواقع والتجربة الملموسة يظهران عكس هذا التصور، فاللغة لا تنحصر فقط في النطق والكلام والأصوات، لأنه توجد وسائل أخرى يعبر بها قوم الإنسان عن أفكاره وإحساسا ته ومشاعره ويتواصل بها مع الآخرين كالحركات والإشارات والعلامات والرموز التي تكتسي بدورها دلالات وأبعاد مختلفة حسب كل جماعة بشرية.
من خلال هذه الملاحظة يبدو أن عملية التواصل بين الناس عن طريق الكلام هي عملية محدودة إذا قارناها بالوسائل الأخرى التي يتوفر عليها الإنسان قصد التواصل مع الآخرين ما يجعل اللغة ظاهرة كونية تتواصل من خلالها كل الكائنات، بينما اللغة التي تعتمد على الكلام فهي تختلف من مجتمع إلى آخر.
يميز العالم الغوي فردناند دوسوسير بين اللغة والكلام واللسان، على أساس أن القاسم المشترك بين اللسان والكلام هو تمثيلهما لطرفي الثنائية التي تميز اللغة، حيث يشكل اللسان التجلي الجماعي لظاهرة اللغة، أما الكلام فهو يمثل التجلي الفردي لنفس الظاهرة. بناءا على هذا فإن اللسان يتحدد بواسطة اتفاق الجماعة البشرية، فهو نسق يضم مجموعة من القواعد والعناصر التي يوجد حولها إجماع بين أفراد الجماعة. وهي المكونات المستعملة للتعبير عن مفاهيم ذهنية مشتركة، أم الكلام فهو تحقيق أو استعمال فردي لمجموعة من القواعد التي يتكون منها اللسان. فالفرد المتكلم يعمل على اكتساب مكونات اللسان من خلال أنشطة داخل المجال الاجتماعي كالتعليم والتواصل والاحتكاك بالجماعة وهو بهذا لا يستطيع أن يتجاوز خلال عملية إنجاز الكلام مكونات هذا اللسان، لأن الجماعة لاتسمح بخرق تلك المكونات، واللغة تهدف بالأساس إلى التواصل يين أفراد المجتمع للتعبير عن حاجياتهم وعواطفهم وأفكارهم.
إن البحث في إشكالية اللغة يقتضي تحديديها كمفهوم فلسفي وعلمي دقيق وشامل مما يجعلنا نلجأ إلى معجمين رئيسيين قصد القيام بهذه العملية: يقول لالاند في معجمه: “تتحدد اللغة في معنيين، معنى خاص ومعنى عام. أما اللغة في معناها الخاص فهي وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر. واللغة في معناها العام هي كل نسق من العلامات يمكن أن يتخذ كوسيلة للتواصل.”
نجد كذلك في معجم لاروس التعريف التالي: ” اللغة هي القدرة الخاصة بالنوع البشري على التواصل بواسطة نسق من العلامات الصوتية( اللسان) وهي قدرة تستخدم تقنية جسدية معقدة وتفترض وظيفة رمزية ومراكز عصبية متخصصة وراثيا.”
استنتاج:
نستنتج من خلال هذه التحديدات الأولية مايلي: اللغة ظاهرة إنسانية مادام الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على ممارسة اللغة. 1- 2-اللغة ظاهرة فردية وجماعية مادام الكلام هو الاستعمال الفردي للغة، وأن هذه الأخيرة لايمكن ممارستها إلا داخل جماعة بشرية معينة. 3- اللغة ظاهرة ثقافية لأنها عبارة عن نسق من العلامات والرموز خاصة بثقافة ومجتمع معينين. 4- اللغة ظاهرة بيولوجية لأن الإنسان يمارس اللغة بفضل توفره على جهاز صوتي يسمح بذلك ومراكز عصبية تتحكم في عملية النطق والكلام. *- بمعنى آخر إن اللغة هي ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد والمكونات الشيء الذي يدفعنا إلى طرح عدد من التساؤلات. 1- هل اللغة ظاهرة خاصة بالإنسان أم مشتركة بينه وبين الحيوان؟ 2- كيف تنشا الدلالة والمعنى في اللغة، هل بشكل تلقائي أم عن طريق الإجماع والاتفاق؟ 3- ما هي العلاقة التي تربط بين اللغة والفكر، هل للفكر وجود مستقل عن اللغة أم أن هذه الأخيرة هي نسيج الفكر وقوامه؟ 4- هل هناك وظيفة واحدة للغة أم وظائف متعددة؟ 5- كيف تؤدي اللغة وظيفة التواصل؟
اللغة الإنسانية واللغة الحيوانية:
هل اللغة ظاهرة خاصة بالإنسان أم مشتركة بينه وبين الحيوان ؟
موقف ديكارت: إجابة على الإشكال المتعلق باختصاص الإنسان باللغة في مقابل عدم وجودها عند الحيوان، نتوقف عند أهم إجابة فلسفية حديثة تتمثل في موقف الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي يرى بأن الإنسان بطبعه قادر على تأليف الكلام من أجل التعبير عن أفكاره ومشاعره. أما الحيوان فهو على العكس من ذلك ليست له القدرة على ممارسة رغم أنه يتوفر على أعضاء الكلام. ومن أجل تأكيد هذه الأطروحة اعتمد ديكارت على مجموعة من الحجج أهمها أن الإنسان يتكلم لأنه يمتلك عقلا بينما الحيوان غير قادر على ذلك لافتقاده هذا العنصر الأساسي. وبين بواسطة المثال أن الببغاء لا يستطيع أن ينطق بنفس الطريقة التي ينطق بها الإنسان نظرا لافتقاده للوعي والعقل، بينما نجد الشخص الأبكم يستطيع أن يعبر عن أفكاره بواسطة الإشارات وذلك لسبب بسيط هو أنه كائن عاقل، كما أن هناك بعض الحيوانات تستطيع أن تتعلم مجموعة من الأشياء ومع ذلك لا ترقى على مستوى طفل مريض. الحيوانات إذن تعبر عن انفعالاتها بواسطة مجموع من الحركات وليس بواسطة لغة، فلو كانت تتكلم لاستطاعت أن تتفاهم مع الإنسان. إن موقف ديكارت من هذا الإشكال هو موقف فلسفي يتعلق بالإنسان، وهو موقف يتأسس على تصور مثالي للغة، مادام الفكر سابق عليها. وإذا أردنا مناقشة هذا الموقف يمكن القول بأن الإنسان يتكلم أو يمارس لغة ليس فقط لأنه يمتلك عقلا بل لأنه كذلك يعيش داخل مجتمع ويحتاج إلى اللغة قصد التواصل مع باقي أفراد الجماعة. ثم إن الإنسان يتكلم لغة لأنه يتوفر على مراكز عصبية في دماغه هي التي تتحكم في عملية الكلام كما تبين العلوم الفزيولوجية المعاصرة.
إذن يبقى موقف ديكارت، رغم قيمته الفلسفية، موقفا جزئيا ونسبيا يحتاج إلى مناقشته وإغناء أطروحته بمواقف مغايرة نستمد أغلبها من تطور العلوم المعاصرة كالبيولوجيا وعلم النفس وعلم الاجتماع واللسانيات.
موقف بينفنست: إن الأطروحة القائلة باختصاص الإنسان وحده باللغة دون الحيوان، والتي دافع عنها ديكارت يمكن تدعيمها بموقف آخر للعالم اللغوي إميل بنفنيست الذي قام بمقارنة بين التواصل عند الإنسان والتواصل عند الحيوان، واتخذ كنموذج لهذا الأخير ظاهرة التواصل عند النحل حيث بين معتمدا على دراسات علمية في مجال الطبيعيات على أن التواصل عند النحل يعتمد أساسا على الحركة المتمثلة في الرقص، فالنحلة تنقل خبر وجود مكان وجود الطعام إلى خليتها عن طريق تقديم مجموعة من الرقصات وهذه الحركة تعتمد بدورها على ضوء النهار بينما التواصل الإنساني يقوم علىالصوت وغير مقيد بشرط الضوء، كما أن التواصل عند النحل هو ذو بعد واحد لأن النحلة عندما تنقل الرسالة فهي لا تنتظر جوابا وهذا دليل على انعدام الحوار الذي هو شرط أساسي في اللغة الإنسانية. التواصل عند النحل كذلك يعتمد على مرجع موضوعي وهو مكان الطعام، لكن التواصل عند النحل كذلك يعتمد بالإضافة إلى الواقع على المرجع اللساني بحيث يمكن للإنسان أن يخبر عن شيء لا وجود له، وأخيرا فلغة النحل لاتقبل التحليل والتأويل لأنها تحمل مضمونا إجماليا يتعلق بالمكان فقط بينما اللغة الإنسانية قابلة للتحليل والوصف.
ينتمي هذا التحليل الذي قام به بينفنست على تصور علمي لساني لإشكالية علاقة اللغة بالإنسان والحيوان، حيث عالج الموضوع من وجهة نظر علمية تتمثل في استخدامه لجهاز مفاهيمي لساني معاصر وكذلك اعتماده على بعض النتائج العلمية التي اهتمت بدراسة النحل وسلوكاته خاصة في مجال العلوم الطبيعية. الملاحظة التي يمكن تسجيلها بخصوص هذا الموقف هو أنه اتخذ مثال النحل الذي هو جزء من الحيوان وعممه على جميع الحيوانات الأخرى، وهذا نوع من التحليل الناقص لأنه لو حذفنا النحل ووضعنا مكانه حيوانا آخر لما وجدنا هذه الخاصيات التي ينسبها إلى التواصل عند الحيوان.
ما يمكن استنتاجه من هذا الموقف هو أن اللغة الإنسانية ترتكز على مجموعة من الخصائص يمكن اختزالها في ما يلي: 1- الارتكاز على الصوت. 2- التحرر من المرجع الموضوعي والشرط الفيزيائي. 3- الحوار والتفاعل. 4- القابلية للتحليل والتأويل والوصف. 5- التمفصل المزدوج ن ومعناه أن المتكلم يمكن أن ينتج عددا متناهيا من الكلمات والدلالات من عدد متناه من الوحدات اللغوية مع التعبير عن تجربته دون اللجوء إلى عناصر لغوية جديدة.
العلامة والرمز اللسانيان: كيف تنشأ الدلالة والمعنى في اللغة؟ الرمز والعلامة يمعناهما اللغوي: هما نشاط ذهني تمثلي يقوم من خلاله الفكر بإثارة موضوع أو معنى بواسطة موضوع آخر مثلا الدخان علامة على النار والميزان رمز للعدالة. وبفضلهما يتحرر الفكر من سلطة الواقع في تنوعه وتبدله ويزداد هذا التحرر الفكري اتساعا وغنى في العلامات والرموز اللسانية.
إلا أن هناك فرق جوهري بين العلامة بمعناها الخاص والرمز ذلك لأن هذا الأخير لا يكون اعتباطيا بصفة مطلقة فليس عديم المضمون بل يحتوي على رابطة طبيعية تربطه مع ما يرمز إليه، إن الرمز يشتمل على التمثيل الذي يعبر عنه. فالأسد يستخدم رمزا للقوة لأنها صفة يتميز بها، والثعلب رمزا للمكر… هكذا يبدو أن الرمز في نظر هيجل ليس اعتباطيا لكن لا يجب أن يفهم من ذلك أن الرمز يطابق تمام المطابقة المدلول عليه لأنه يحمل خصوصيات غير موجودة في المدلول عليه.
أما العلامة فهي اعتباطية ولقد وضح ذلك انطلاقا من الألوان التي تدل على أمة معينة. إن العلامات والرموز هي عبارة عن وسائط تمثيلية بين الفكر والواقع لأن كل لسان كما يقول كاسيرر: “حيوان رامز”
إن العلامات والرموز قد تتخذ أشكالا متعددة: قد تكون طبيعية(الأسد رمز للقوة) وقد تكون ثقافية(الميزان رمز للعدالة) وقد تتخذ شكل صور وشكل كتابة وقد تتخذ كذلك شكل علامة لسانية. فما المقصود بالعلامة اللسانية وكيف تنشأ الدلالة والمعنى في اللغة، بشكل تلقائي وطبيعي أم بالمواضعة والاتفاق؟
تعربف العلامة اللسانية: يقول بنفنست:”…وهكذا الشأن في العلامة اللسانية فأحد مكونات العلامة هي الصورة الصوتية ويشكل الدال. أما المكون الآخر فهو المفهوم ويشكل المدلول” الدال:هو الصورة السمعية التي تولدها في الذهن الأصوات التي يسمعها المتلقي. المدلول هو التصور الذهني الذي تثيره الصورة السمعية في ذهن المستمع. ومن ثمة تطرح طبيعة العلاقة بين الدال و المدلول: هل هي اعتباطية(اصطلاحية) أم هي علاقة طبيعية تعكس فيها الكلمة الشيء المعبر عنه أم أن العلاقة بينهما ضرورية؟
1- موقف أفلاطون: الأطروحة الطبيعية في محاورة كراتيل يورد أفلاطون نقاشا فلسفيا جرى بين شخصين هما هرموجين وكراتيل اختلفا فيه حول علاقة الكلمات بالأشياء، حيث يرى كراتيل بأنها علاقة طبيعية، بينما يرى الآخر أنها علاقة اتفاق واصطلاح،تم اللجوء إلى سقراط قصد الاحتكام إليه فبدأ يحاور هيرموجين لكي يقنعه بأن الاسم هو محاكاة للشيء وبالتالي فالكلمات تنتمي إلى الأشياء على نحو طبيعي، مدافعا بذلك عن موقف كراتيل. إن نظرية المحاكاة عند أفلاطون تنبني على أساس أن لكل وجود اسم يضمه بطبيعته، فإما أنه متضمن في صوته أو في صورته أو في أحد أعراضه الأخرى كاللون مثلا. وأفلاطون يرى بأن عملية المحاكاة تتطلب العلم بماهية الشيء مادام لكل وجود ماهية. وبهذا يكون قد فتح المجال لنسقه الفلسفي الذي يرى بأن الوجود المادي ليس هو الحقيقة وإنما هو نسخة أو محاكاة لتلك الحقيقة.
2- موقف دوسوسير: الأطروحة الاصطلاحية الاعتباطية يحاول دوسوسير الإجابة على إشكال يدور حول علاقة الدال بالمدلول هل هي علاقة طبيعية أم اعتباطية؟ مستهلا ذلك بنقده للأطروحة الطبيعية وتفنيد عناصرها مبينا أنها تعتمد على وجود المعاني الجاهزة وتقر بأسبقية المعنى على اللفظ. كما أنها لاتهتم بتحديد طبيعة اللفظ وماهيته وتعتبر أن علاقة الاسم بالمسمى هي علاقة بسيطة. بعد ذلك يشرع في الدفاع عن أطروحته المغايرة ويرى بأن الدلالة لا تربط الاسم بالمسمى بل توحد بين تصور وصورة سمعية، أي بين الدال والمدلول مؤكدا على البعد السيكولوجي في هذا المجال. إذن فالدلالة هي التركيب المكون من الدال والمدلول والعلاقة بينهما هي علاقة اعتباطية والسبب في ذلك هو اختلاف الألفاظ باختلاف الألسن، فالدال ( أ-خ-ت) لا تربطه أية علاقة ضرورية بمفهوم القرابة الذي يعبر عنه، لأن كل لسان يرسم الدال بالطريقة التي يتواضع عليها أفراد الجماعة. من هنا يستنتج دوسوسير أن عملية الدلالة خاضعة للموا ضعة والاتفاق لأن المجتمع هو الذي ينتج العلامة ويعطيها دلالتها.
3- موقف بنفنست: الأطروحة الضرورية يختلف بنفنست مع دوسوسير في تحديد العلاقة التي تربط الدال بالمدلول، مؤكدا على وجود تماثل ضروري بينهما إلى حد اعتبارهما وجهان لعملة واحدة لايمكن الفصل بينهما، فالدال هو الترجمة الصوتية للمفهوم، والمدلول هو المقابل الذهني للدال. إن العلاقة الضرورية بين الصورة الذهنية لكلمة ثور ومجموعة الأصوات المتتالية: ث- و- ر. فالمفهوم-(المدلول) ثور ماثل في وعيي بالضرورة للمجموع الصوتي(الدال) ثور. والحجة الدالة على هذه العلاقة الضرورية بين الدال والمدلول، هو أنه بمجرد رؤيتنا أو استحضارنا لأحدهما، إلا واستحضرنا العنصر المرتبط به. فكلاهما نقشا في ذهني وكل منهما يستحضر الآخر في كل الظروف.ثمة بينهما اتحاد وثيق إلى درجة أن مفهوم ثور هو بمثابة روح الصورة الصوتية ث – و- ر.
لايمكن للذهن الإنساني أن يحمل مفاهيم ليس لها مقابل يمكن للإنسان التعرف عليه وإدراكه. فجميع مفاهيم الذهن الإنساني هي أسماء لمسميات، ولايمكن لهذت الأخير أن يقبل بأسماء هو يجهل في الواقع ما توحي به. إن الذهن لا يتقبل من الأشكال الصوتية إلا ذلك الذي يكون حاملا لتمثل يمكنه التعرف عليه وإلا رفضه بوصفه مجهولا وغريبا.
اللغة ، الفكر ، التواصل
أ- اللغة والفكر
الإنسان كائن اجتماعي، ولا حياة اجتماعية بدون تواصل ولا تواصل بين الناس بدون لغة، واللغة إلى جانب وظيفتها التواصلية ودورها وفعاليتها في تحقيق الوجود الاجتماعي للإنسان فإن لها دورا فعالا أيضا في عملية إنتاج مختلف أصناف التفكير: الأسطورة- الدين- الفلسفة – العلم… وحول علاقة اللغة بالفكر يهمنا أن نثير ونناقش التساؤل الإشكالي التالي: ماهي علاقة اللغة بالفكر هل هي علاقة اتصال آم انفصال؟ هل للفكر وجود مستقل عن اللغة أم أن اللغة هي نسيج الفكر وقوامه ولا انفصال بينهما؟
1- التصور الانفصالي: وهو تصور فلسفي مثالي يعتبر أن الفكر جوهر ذو طبيعة روحية بينما اللغة هي ظاهرة ذات بعد مادي يتجلى في الكلام والصوت والكتابة. يمثل هذا التصور في الفلسفة الحديثة ديكارت الذي يمكن أن ننظر إلى موقفه في إطار فلسفته المثالية التي تتلخص فيم يسمى الكوجيطو الديكارتي:” أنا أفكر إذن أنا موجود”، حيث أثبت عن طريق الشك أن هناك ذاتا تمارس الشك، هي الذات المفكرة، وبعد أن أثبت ذاته، أثبت وجود الله ثم وجود العالم ووجود الجسم الذي جزء من العالم. إذن موقف ديكارت هو جزء من فلسفته المثالية بمعنى أن الفكر عنده سابق على اللغة. يدعم الفيلسوف الفرنسي برغسون هذا التصور الديكارتي عندما يقول بأن عدد الكلمات محدود ومرتبط بالمادة والمنفعة، لهذا فإن اللغة كأداة للتواصل لا تعبر إلا عما هو مادي، وبالتالي تكون عاجزة عن التعبير عن ما ليس ماديا كالقضايا الميتافيزيقية والحالات الباطنية الخاصة بالإنسان الفرد، وهذا الموقف ناتج عن التصور الانفصالي الذي تعتبر الفكر سابقا على اللغة ومنفصلا عنها.
2- التصور الاتصالي: يمثل هذا التصور مجموعة من المفكرين وعلماء اللغة الذين عبروا عن مواقف مخالفة للتصور الفلسفي المثالي ومن ضمنهم :دوسوسير وبنفنست ومرلوبونتي وكريستيفا. ينطلق دوسوسير من فكرة أساسية وهي أنه على المستوى السيكولوجي نجد أن الفكر إذا انعزل عن اللغة يبدو ككتلة غامضة بدون شكل متميز، مبرزا استحالة وجدد فكر بدون لغة، وهذا نقد موجه للتصور الفلسفي المثالي، كما بين أن للغة وظيفة معرفية وذلك عن طريق ابتكار التصورات وأشكال الفكر وهذا دليل على عدم انفصالها، مثال (وجهي الورقة)، بالإضافة إلى قيامها بوظيفة التوضيح والتمييز حيث تميز الفكر بإخراجه من الغموض إلى الوضوح عن طريق تقسيمه على وحدات وأجزاء متميزة، مثال ( الريح والماء) فسطح الماء هو الفكر بينما الريح هي اللغة التي تقسم الفكر وتجزئه. وقد اعتمد دوسوسير على معطيات علمية بالدرجة الأولى موظفا بعض النتائج التي توصل إليها علم النفس في عصره بالإضافة على الابتكارات النظرية الجديدة في مجال اللسانيات العامة والعلوم المتفرعة عنها مثل السيميولوجيا والفونولوجيا.
أما مرلوبونتي فقد ابرز بأن الفكر لا ينفصل عن تعبيره، كما أن اللغة ليست وعاءا لفكر يسبقها لأن التعبير بالنسبة للذات المتكلمة يعني حصول الوعي، إنها لا تعبر فقط من اجل الآخرين بل تعبر لكي تعرف هي ذاتها ما تقصده. إن الفكر يتجول داخل اللغة واللغة تسكن الإنسان ككائن يوجد دائما داخل الكلمات، فالكلام هو الوجود الخارجي للمعنى.
إذن الفكر لا ينفصل عن تعبيره، فإذا تقدم عليه في الوجود سيكون مجرد ترجمة بسيطة بالنسبة إليه كما أن الفكر ليس استنباطا داخليا حيث تتموقع الأفكار داخل أشكال لغوية فكل كلام يفترض الحصول المتوازي للمعنى والكلمة في نفس الوقت، لا وجود لفكر قبل اللغة، ولا وجود للغة قبل الفكر، لأن لحظة إنتاج اللغة هي لحظة تشكل الفكر.
استنتاج: إن المواقف السابقة تنتمي إلى التصور العلمي اللساني الذي ينطلق من أن العلاقة الموجودة بين اللغة والفكر هي علاقة اتصال وارتباط حيث لايمكن تصور لغة دون فكر ولافكر دون لغة، فوجود كل واحد منهما متوقف على وجود الآخر. كما تنطلق هذه الأطروحة من اعتبار أن اللغة هي ظاهرة ذات صبغة مادية، فهي إما أن تكون مكتوبة أو منطوقة أو حركية. وهذا ما عبرت عنه الناقدة كريستيفا التي ترى بأن بأننا إذا نظرنا إلى اللغة من الخارج نجد أنها تكتسي طابعا ماديا متنوعا يجب معرفة ظواهره وروابطه. فاللغة سلسلة من الأصوات والدلائل المكتوبة ونظام من الحركات، هذه الصفة المادية للغة تنتج ما نسميه فكرا وتعبر عنه في نفس الوقت. إن هذا التصور العلمي يعتمد على نتائج الدراسات اللغوية المعاصرة وعلى بعض العلوم الإنسانية كعلم النفس وعلم الاجتماع، كما أنه تصور جدلي يرى بأن العلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة جدلية، فاللغة تنتج الفكر والفكر يساهم كذلك في خلق اللغة وتطويرها.
ب- اللغة والتواصل
- كيف تحقق اللغة وظيفة التواصل؟ - هل للغة وظيفة واحدة أم عدة وظائف؟
يرى جاكبسون بأن للغة وظيفة واحدة هي وظيفة التواصل بحيث إن لكل عملية لسانية ولكل فعل تواصلي ستة عوامل أو مكونات وهي : المرسل والمرسل إليه والرسالة التي تستلزم سياقا تحيل عليه وسننا مشتركا بين المرسل والمرسل إليه، وتفترض كذلك قناة للتوصيل. ولكل عامل من هذه العوامل وظيفة كالانفعالية والتأثيرية والمرجعية والاتصالية والواصفة والشعرية ويمكن جمع هذه الوظائف في وظيفة واحدة هي الوظيفة التواصلية أو الاتصالية. إن موقف جاكوبسون رغم قيمته العلمية يبقى مع ذلك قابلا للنقاش، لأنه لايمكن حصر وظائف اللغة في وظيفة محددة وهذا ماجعل كريستيفا ترى بأنه بالرغم مما حققه جاكبسون في أبحاثه العلمية إلا أنه سقط في التصور الأداتي للغة التي أصبحت عنده أداة للتواصل مبرزة بأن اللغة تنتج الفكر وتحققه في نفس الوقت وبالتالي فهي تساهم بشكل كبير في إنتاج وتكوين الذات المتكلمة( تعلم الطفل للغة).
أما دوكرو فهو يرى بأن اللغة لا تؤدي وظيفة التواصل إلا عندما يكون المتكلم قد فعل ذلك قصدا وعبر عن ما في ذاته حول موضوع معين واستهدف من خلال هذه العملية من يريد أن ينصت إليه، ومن جهة أخرى فإن التواصل لا يصبح ممكنا إلا إذا فهم المرسل إليه القصد الذي يشير إلي المرسل.إذن فعملية التواصل تحدث في إطار هذا التبادل الذي يتم بين من يتكلم ومن ينصت إليه وكل منهما يفهم قصد الآخر. غير أن الواقع يبين أن اللغة التي يتكلمها الناس لاتكون دائما واضحة بل غامضة في كثير من الأحيان نظرا لعدة عوامل نفسية واجتماعية وأخلاقية حيث يظهر أن اللغة تتضمن تقنيات الإخفاء والإضمار وكل متكلم نجده يحتاط في خطابه فيقول أشياء ويسكت عن أشياء أخرى حفاظا على موقعه الاجتماعي أو خوفا من المساءلة والمحاسبة، كما يرى دوكرو بأن اللغة تشبه قواعد لعب يومي ولكنه لعب مبني على الحذر واستباق النتائج.
استنتاج:
إجابة علىا لإشكال : هل للغة وظيفة واحدة أم عدة وظائف؟ تبين لنا أن اللغة التي نتواصل بها مع الآخرين تقوم بعدد كبير من الوظائف، فبالإضافة إلى الوظيفة الرمزية التي ظهرت لنا من خلال تناولنا لعلاقة الإنسان بالعالم الخارجي، وهي علاقة غير مباشرة لأنها تتم عبر مجموعة من الوسائط أهمها اللغة. كذلك ركز علماء اللسانيات وعلى رأسهم دوسوسير وجاكبسون على الوظيفة التواصلية واعتبروها أهم وظيفة تؤديها اللغة، كما بعض النقاد المعاصرين في مجال الأدب والنقد الأدبي أن أهم وظيفة للغة هي الوظيفة الإنتاجية، فاللغة هي التي تنتج الفكر وتعبر عنه وتبلغه في نفس الوقت. وإذا كانت علاقة المرسل بالمرسل إليه واضحة في بعض الأحيان فإنها تكون غامضة ومبهمة في أحيان أخرى مما يجعلنا نتحدث عن وظيفة الكشف والإخفاء، بمعنى أننا عندما نتكلم نقول أشياء ونسكت عن أشياءاخرى. أما الوظيفة السحرية للغة فتحصل عندما يعتقد الإنسان بأن علاقة الكلمات بالأشياء هي علاقة خفية غير مرئية تحكمها رؤية الإنسان السحرية والأسطورية إلى العالم. ومع تطور العلوم الإنسانية المعاصرة ظهرت وظيفة أخرى للغة هي الوظيفة السلطوية، فقد تم التخلي عن التصور الكلاسيكي لمفهوم السلطة باعتبارها قوة مادية قمعية وبرز تصور جديد للسلطة نجده عند ميشال فوكو الذي يقول بأن كل خطاب يتضمن سلطة سواء كان الخطاب شفويا أو مكتوبا، وهذا ما حاول رولان بارث تفسيره حين أكد على أن كل لسان هو تصنيف وكل تصنيف هو نوع من القمع، كما أن اللغة تتميز بما تلزمنا بقوله عن طريق مجموعة من القواعد اللغوية وإعطاء أمثلة من اللسان الفرنسي حول أسبقية الذات على الفعل وإقصاء العنصر المحايد فاللغة لا تعترف إلا بالمذكر والمؤنث.
أبد Eternité : استمرار الوجود في أزمنة مستقبلة لا متناهية, فهولا آخر له, و لا يطرأ عليه العدم, و يقابل الأزل. (انظر: أزل / سرمد)
ابيستيمولوجيا Epistémologie : دراسة نقدية لمبادئ العلوم المختلفة وفرضياتها و مناهجها و نتائجها, و هي تهدف إلى تحديد أصلها المنطقي و قيمتهاالموضوعية(حسب لالاند). و في اللغة الإنجليزية تطلق على نظرية المعرفة بوجه عام, وفي هذا يقول رونز : «الإبيستيمولوجيا أحد فروع الفلسفة الذي يبحث في أصل المعرفة , و تكوينها و مناهجها و صحتها ». (انظر: نظرية المعرفة / فلسفة /انطولوجيا / أكسيولوجيا)
احتمال Probabilité: ما يمكن توقع حدوثه أو عدمه. و عنه يقولالجرجاني في كتاب "التعريفات" :« الاحتمال ما لا يكون تصور طرفيه كافيا, بل يترددالذهن في النسبة بينهما, و يراد به الإمكان الذهني ».
أخلاق / علم الأخلاق Ethique :علم يبحث في الأحكام القيمية التي تنصب على الأفعال الإنسانية من حيثكونها خيرا أو شرا. و هو أحد العلوم المعيارية,و هو ضربان : أولهما عملي و يسمى علمالسلوك أو الأخلاق العملية, و ثانيهما نظري و هو الذي يبحث في حقيقة الخير و الشر وسائر القيم الأخلاقية من حيث هي. (انظر: أكسيولوجيا /خير / حق / جمال / قيمة / معيار)
أزل Eternité: استمرار الوجود في أزمنة ماضية لا متناهية, فهو لا أولله, و يقابل الأبد. و تطلق الكلمة الأجنبية على ما لا أول له و كذا على ما لا آخرله : أي السرمدي. (انظر: أبد / سرمد)
استدلال Raisonnement : فعل الذهن الذييلمح علاقة مبدأ (أو مقدمة) و نتيجة بين قضية و أخرى أو بين عدة قضايا, و ينتهي إلىالحكم بالصدق أو الكذب, أو إلى الحكم بالضرورة أو الاحتمال (بالإمكان أوالاستحالة). و هو استنباطي و استقرائي, مباشر و غير مباشر. (انظر: استنتاج / استقراء / استنباط / قياس / برهان / منطق)
استقراء Induction : الحكم علىالكلي بما يوجد في جزئياته جميعها (و هذا هو الاستقراء التام) أو بما يوجد في بعضأجزائه (و هذا هو الاستقراء الناقص), و هو الاستقراء القائم على التعميم. و علىالتعميم اعتمد المنهج التجريبي, إذ أنه ينتقل من الواقعة إلى القانون أو مما عرف فيزمان أو مكان معين إلى ما هو صادق في كل زمان و مكان. (انظر: استدلال / استنتاج / استنباط / قياس / برهان / منطق)
استنباط Déduction: انتقال الذهن من قضية أوعدة قضايا (و هي المقدمات) إلى قضية أخرى (هي النتيجة) و ذلك وفق قواعد المنطق. والمنهج الاستنباطي ضربان : أولهما حملي و هو ما كانت مقدماته مسلما بصدقها بصفةنهائية, و ثانيهما فرضي و هو ما سلم بصدق مسلماته بصفة مؤقتة فقط. و هو يقابلالمنهج الاستقرائي الذي ينتقل فيه الذهن من الظواهر إلى القوانين عبر التعميم. (انظر: استدلال / استقراء / استنتاج / قياس / برهان منطق)
استنتاج Inférence : هو انتقال الذهن من قضية مسلمة أو أكثر (و هي المقدمات) إلى قضية أو قضايا مترتبةعليها (و هي النتائج), و هو ضربان : مباشر و غير مباشر. (انظر: استدلال / استقراء / استنباط / قياس / برهان / منطق)
اسطقس / عنصر Elément : باليونانية Stoichéion و معناه الحرف الأبجدي.أستعمله الذريون بمعنى العنصر الأولي و هو «آخرما ينتهي إليه تحليل الأجسام فلا توجد فيه قسمة إلا إلى أجزاء متشابهة» (بن سينا فيالنجاة). و يقال اسطقسات أو اسطقسيات أو أجسام أسطقسية للمركبات من العناصر الأربعةو هي : الماء و الهواء و النار و التراب, أو على حد قول ابن سينا في "النجاة" «جسمحار يابس, و آخر حار رطب, و آخر حار بارد, و آ خر بارد يابس ».
أسطورة Mythe: قصة خرافية يسودها الخيال, غالبا ما تحكي عن المغامرات الدرامية لكائناتخارقة مثل الآلهة عند اليونان, أو تبرز قوى الطبيعة في صور كائنات حية ذات شخصيةممتازة. و هي تشكل المادة الأساسية التي ينبني عليها الأدب الشعبي. كما أنها غالباما تستخدم في عرض مذهب أو فكرة ما عرضا شعريا أو قصصيا مثل أسطورة المعادن أوأسطورة الكهف عند أفلاطون أو أسطورة سيزيف في الفلسفة الوجودية.
إشكالية Problématique : يراد بها بوجه عام ماهو مشتبه فيه و يمكن أن يقرر دون دليل كاف, ومن تم يبقى موضع نظر و تساؤل. أما اصطلاحا فهي مجموعة حقيقية أو افتراضية منالمشاكل التي تشكل مجال البحث بالنسبة لعلم معين في لحظة تاريخيةمعينة.
أفكار فطرية Idées innées :عند ديكارت هي كل فكرة تستمدها النفس منذاتها دون أن يكون للإحساس أو التجربة شأن فيها. و هي تتصف بالوضوح و البساطة والتميز و لذا فهي تشكل أساس المعرفة. (انظر: فطري / بداهة / أولي / قبلي / متعالي)
أكسيولوجيا Axiologie : نظرية أو مبحث القيم و هو أحد المحاور الرئيسيةالثلاث في الفلسفة (و هي مبحث الوجود/الانطولوجيا, مبحث المعرفة/الإبيستيمولوجيا, مبحث القيم/الأكسيولوجيا). و المراد به البحث في طبيعة القيم و أصنافها و معاييرها, و هو يرتبط خاصة بعلوم : المنطق و الأخلاق و الجمال. (انظر:أخلاق / منطق / جمال / خير / حق /قيمة)
أمهات الفضائل Vertus cardinales: هي الفضائل الأربعالرئيسية و التي ارتأى أفلاطون (و الفارابي من بعده) أنها هي المقومة لكمال الأخلاقو هي: الحكمة و الشجاعة و العفة ثم العدل. (انظر: حكمة)
انطولوجيا Ontologie : نظرية أو مبحث الوجود و هو أحد مباحث الفلسفة الرئيسية الثلاث .و يتمثل في النظرفي الوجود بإطلاق مجردا من كل تعيين أو تحديد, و هو عند أرسطو «علم الوجود بما هوموجود», و لهذا سمي بمبحث الميتافيزيقا العام, إذ أنه يترك البحث في الوجود مننواحيه المختلفة للعلوم الطبيعية و الرياضية و الإنسانية. (انظر: إبيستيمولوجيا / أكسيولوجيا / ميتافيزيقا / فلسفة)
أولي / قبلي A priori: معرفة يفترضهاالذهن و من تم فهي تسبق التجربة. و قد اعتبر كانط الأحكام و المبادئالأولية-القبلية سابقة على التجربة و مستقلة عنها (مثل مقولتي الزمان و المكانكإطارين قبليين سابقين على التجربة). و كل ما هو أولي-قبلي لابد أن يكون كليا وضروريا.و جدير بالذكر أن الأوليات غير الإواليات. (انظر: بعدي / مقولة / إوالية)
إيديولوجيا Idéologie : في الماركسية هي جملة الآراء و التصورات والمعتقدات و الأفكار الشائعة في مجتمع ما في لحظة تاريخية معينة و المعبرة عنالمصالح السوسيو-اقتصادية لطبقة اجتماعية معينة. أما علم الإيديولوجيا أو علمالأفكار فموضوعه دراسة الأفكار و المعاني و خصائصها و قوانينها و علاقتها بالعلاماتالتي تعبر عنها و البحث عن أصولها و مختلف تقاطعاتها...
بالفعل En acte : (أي ما هو بالفعل Actuel) و هو قسم من قسمي الوجود عند أرسطو و هما : الوجود بالقوةكإمكان و الوجود بالفعل ككينونة و تحقق و تحدد و تعين و تمام و كمال لما كان موجودابالقوة. و على هدا الأساس تقوم فكرة التغير عند أرسطو, إذ هو انتقال الشيء منالوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل و العكس بالعكس. (انظر: بالقوة)
بالقوة En puissance : (أي ما هو بالقوة Virtuel) خاصية ما يمكن أن يحدث و إن لم يوجد بالفعل. و في عالم الألوهية لا يوجد شيء بالقوة بل بالفعل على اعتبار أن الوجود بالقوة نقصفي وجود الشيء بالفعل بينما عالم الألوهية لا يعتريه نقص. يقول ابن رشد في" تلخيصما بعد الطبيعة" «القوة هي الاستعداد في الشيء و الإمكان الذي فيه لأن يوجد بالفعل ». (انظر: بالقوة)
بداهة Evidence: وضوح الأفكار و القضايا بحيث تفرض نفسهاعلى الذهن. و البديهي Evident بوجه عام هو ما يبدو للذهن لأول وهلة دون شك أو تردد, و هو أيضا « الذي لا يتوقف حصوله على نظر و كسب» كما قال الجرجاني في "التعريفات". و البديهية Evidente قضية أو فكرة يسلم بها لأنها واضحة بذاتها دونما حاجة إلىبرهان بل هي برهان غيرها, مثل المبادئ العقلية و الأوليات و الضروريات, و منها مايستخدم في جميع العلوم أو في علوم بعينها دون غيرها كمبادئ البرهنة الرياضيةالكلاسيكية.و يقابل المسألة البديهية كل ما لا مناص من البرهنة عليه. نذكر –كمثال- من بديهيات ديكارت : الكل أكبر من الجزء.
برهان Démonstration: استدلالينتقل فيه الذهن من مقدمات أو قضايا مسامة إلى أخرى تنتج عنها ضرورة. و قد عدهالمناطقة القدامى أسمى صور الاستدلال لأنه يقوم على أساس من مقدمات يقينية و ينتهيتبعا لذلك إلى نتائج يقينية كذلك. (انظر: استدلال / استنتاج / استنباط / استقراء / قياس / منطق )
بعدي A posteriori : ما يأتي من أو بعد التجربة أو يستندإليها. و هو عند أرسطو كل حكم يصدر عن العلم بالمعلول من حيث أن المعلول متأخربالطبع عن علته. (انظر: أولي / قبلي )
تأمل Méditation: تفكير عميق في موضوعمعين يحاول أن يستخرج جوانبه العامة. وهو كالتدبر Contemplation استغراق الذهن فيموضوع تفكيره لإلى حد يجعله يغفل عن الأشياء الأخرى بل عن أحوال نفسهذاتها.
تجريد Abstraction: عزل صفة أو علاقة ما عزلا ذهنيا و قصر الاعتبارعليها و التفكير فيها. و الذهن من شأنه التجريد لأنه لا يحيط بالواقع كله و من كافةجوانبه بل لا يدرك منه إلا أجزاء معينة في الوقت الواحد. و التجربة أيضا تسوق الذهنإلى التجريد لأنها تعرض له الواقع مجزأ أو تظهره على صفة ما. و التجريد في المنطقالصوري/الأرسطي عملية ذهنية يسير فيها الذهن من الجزئيات و الأفراد إلى الكليات والأصناف و الأجناس و الأنواع. و نقيض التجريد هو التشخيص كما أن عكس المجرد المشخصو العيني. (انظر: عيني)
تحصيل حاصل / طوطولوجيا Tautologie : تكرار الشيءالواحد بألفاظ مختلفة مثل قولنا الأرملة من فقدت زوجها.و هو قد لا يخلو من مغالطةأحيانا.
تحليل Analyse : منهج عام يراد به تقسيم الكل إلى أجزائه و رد الشيءإلى عناصره المكونة له, أي فك وحدته بهدف دراسة كل جزئياته. و الحكم التحليلي –عندالمناطقة و في الوضعية المحدثة- هو ما لا يضيف محموله جديد إلى موضوعه, مثال ذلكقولنا : المثلث مضلع له ثلاثة أبعاد أو الحديد معدن. و قد اعتبر كانط و من بعدهفلاسفة الوضعية المحدثة / الجديدة Néo-posivitisme القضايا الرياضية قضايا تحليليةو قضايا العلوم التجريبية (الفيزياء و الكيمياء) قضايا تركيبية. (انظر: تحصيل حاصل / تركيب)
تخيل Imagination: تأليف صور ذهنية تحاكي ظواهر أو مظاهر الطبيعة وإن لم تعبر عن شيء حقيقي موجود بالفعل. أما المخيلة فقوة تتصرف في الصور الذهنيةبالتحليل و التركيب و الزيادة و النقصان...الخ.
تركيب Synthèse : بوجه عامهو الجمع بين عناصر متفرقة و محاولة التأليف بينها.و أما بوجه خاص فهو منهج يقومعلى السير من البسيط إلى المركب : ففي العلوم الطبيعية هو منهج يرمي إلى تكوين مادةجديدة انطلاقا من عناصر أو مركبات أبسط منها و خاصة في الكيمياء. و في علم النفس هوجمع الذهن بين تصورات و مشاعر مختلفة لتكوين كل واحد منتظم. و في التاريخ هو محاولةالمؤرخ تنسيق نتائج تحليل الوثائق لإعادة تكوين ما دلت عليه. و أما في الفلسفة فقداعتبر كل من هيجل و ماركس التركيب نتيجة الجمع بين إيجابيات القضية / الأطروحة وإيجابيات نقيضها. و في المنطق يعتبر حكما تركيبيا كل حكم يضيف محموله جديدا إلىموضوعه,مثال ذلك قولنا : الحديد يتمدد بفعل الحرارة. و قد يكون هذا الجديد إمامستمدا من التجربة (أي واقعيا) أو من الذهن (أي عقليا). (انظر: تحليل / تحصيلحاصل)
تهكم Ironie : إحدى مرحلتي المنهج السقراطي و هما : التهكم و التوليد. و يتلخص التهكم في تصنع الجهل و طرح أسئلة مشككة توقع المحاور في التناقض, و الغرضمن ذلك تخليص العقول من العلم الزائف و إعدادها لقبول الحق. (انظر: توليد)
توليد / مايوتيقا Maïeutique : منهج استخدمه سقراط و شرحه أفلاطون –خاصة في محاورة مينون - و معناه استخراج الحق و الأفكار الموجودة أصلا في الذهن / النفس و ذلك من خلال توجيه الأسئلة و الاعتراضات إلى محاوريه / محدثيه مرتبة ترتيباممنهج منطقيا لمساعدتهم على التذكر و الوصول إلى الحقيقة, و ذلك على اعتبار أن «المعرفة تذكر و الجهل نسيان» على حد تعبير أفلاطون. و قد كان سقراط يقول بأنهيحترف صنعة أبيه النحات و يمتهن حرفة أمه القابلة,و يختلف عنهما في كون أبيه ينحتالتماثيل على الصخر و الحجر بينما هو ينحت الأفكار في أذهان الرجال كما أن أمه تولدالنساء بينما هو يولد نفوس الرجال. و غني عن الذكر بأن التوليد السقراطي غيرالتوليد المعتزلي الذي يراد به بشكل عام تولد أي صدور فعل عن فعل, أولهما إراديبينما الثاني مولد عن الأول فحسب, مثال ذلك تولد فعل الألم عن فعل الصفع أو إصابةشخص ما عن رمي بالحجر. (انظر: تهكم)
جدل / دياليكتيك Dialectique : في اللغةالعربية هو الخصام و اللجاجة , و في الفلسفة فن البرهنة , و مبدعه هو زينون الإيليدفاعا عن مذهب معلمه بارمنيدس ضد خصومه. و الجدل طريقة في المناقشة و الاستدلال . وقد أخذ معاني كثيرة منها على سبيل التمثيل أنه عند سقراط هو فن الحوار بمرحلتيهالتهكم و التوليد بحثا عن تعريفات للمعاني الأخلاقية . و عند أفلاطون هو المنهجالذي يسمو العقل به من المحسوس إلى المعقول أو من الجزئي إلى الكلي , و هذا هوالجدل الصاعد Dialectique ascendante , و به كذلك يتم النزول من أعلى المثل إلىأدناها أو من الكلي المعقول إلى الجزئي المحسوس , و هذا هو الجدل النازل Dialectique descendante . أما عند أرسطو و مناطقة المسلمين ف « الجدل هو القياسالمؤلف من المشهورات و المسلمات و الغرض منه إلزام الخصم و إفحام من هو قاصر عنإدراك مقدمات البرهان » ( تعريفات الجرجاني ). و أرسطو يفرق بين الجدل و التحليل , إذ أن التحليل موضوعه البرهان أي القياس المنتظم من مقدمات صادقة أولية سابقة فيالعلم على النتيجة و أبين منها و علة لزومها . أما الجدل فموضوعه الاستدلالات التيتقوم على مقدمات محتملة أي آراء متواترة أو مقبولة عند العامة (الحس المشترك أوبادئ الرأي ) . و من ثم فالجدل يتوسط الخطابة و التحليل ( البرهنة ) , و هو العمودالفقري لعلم الكلام . و أما عند كانط فالجدل منطق الوهم , منطق ظاهري في سفسطةالمصادرة على المطلوب و خداع الحواس . بينما هو عند هيجل المنهج الذي من شأنه إبرازتماسك المتناقضات و وحدتها و الكشف عن المبدأ الذي يقوم عليه هذا التماسك و هذهالوحدة , إذ هو انتقال الذهن من قضية و نقيضها إلى قضية ناتجة عنهما ( التركيب ) , ثم متابعة ذلك حتى الوصول إلى المطلق . و أما عند ماركس فالجدل هو قانون الفكر ( الوعي ) و قانون الواقع ( الوجود ) في الوقت ذاته . فالعلاقة بين الإنسان و العالم ( الواقع الطبيعي ) و بينه و بين الآخرين ( الواقع الاجتماعي ) في إطار التاريخإنما تخضع لعمليات جدلية ( عمليات تفاعل : تأثير و تأثر / أخذ و عطاء متبادلين ) . و في الفلسفة الحديثة ينعت بالجدلي كل فكر لا يقنع بالوقوف عند حدمعين.
جمال Beau : هو بوجه عام صفة في الأشياء تبعث في النفس سرورا و رضا . و بوجه خاص إحدى القيم الثلاث التي تؤلف مبحث القيم العليا ( الخير / الحق / الجمال ) , و هي عند المثاليين صفة قائمة في طبيعة الأشياء , و بالتالي هي ثابتة لا تتغير , و بهذا يكون الشيء جميلا في ذاته أو قبيحا في ذاته , بصرف النظر عن ظروف من يصدرالحكم . و على العكس من هذا يرى الماديون بأن الجمال اصطلاح تعارفت عليه مجموعة منالناس متأثرين بظروفهم , و بالتالي فإن الحكم بجمال الشيء أو بقبحه يختلف باختلافظروف من يصدر هذا الحكم . أما علم الجمال Esthétique فهو مصطلح من وضع بومكارثن Baumgarten و المقصود به الإدراك الخاص بشعور الجمال كما نراه في الطبيعة و آياتالفنون . ( انظر : أكسيولوجيا / قيمة / حق / خير / معيار ) .
جوهر Essence / Substance : ما قام بنفسه , فهو متقوم بذاته و متعين بماهيته , و هو المقولة الأولىمن المقولات العشر عند أرسطو , إذ هو الموضوع الذي تحمل عليه باقي الأعراض ( أيباقي المقولات ) بينما هو لا يحمل على غيره , و هو يقابل العرض . ( انظر : ماهية / عرض / مقولة / ذات ) .
حادث Contingent : ما يكون مسبوقا بالعدم , فهو كائنبعد أن لم يكن , و هو يختلف عن الممكن الذي لا وجود له , ف‘ن وجد صار حادثا و لابدله من محدث , و الحادث يقابل القديم Eternel . ( انظر : أبد / أزل / حدوث / سرمد ) .
حجة Argument : ما يراد به إثبات أمر أو نقضه , و هي نوعان : مباشرة و غيرمباشرة . أما المحاجة Argumentation فهي طريقة تقديم و عرض الحجج و الإفادة منها . بينما الحجاج يقوم على جمع الحجج لإثبات رأي أو إبطاله . ( انظر : دليل ) .
حدس Intuition : هو إدراك لموضوع ما دونما وسائط . و هو ذو أثر فيالعمليات الذهنية المختلفة : إذ يلاحظ في الإدراك الحسي و يسمى حينها حدسا حسيا Intuition sensible . كما يشكل أساسا للبرهنة و الاستدلال و يسمى حينها حدسا عقليا Intuition rationnelle . و كذا به نستشعر أمورا عاطفية بعيدة المنال و يسمى حينهاحدسا وجدانيا . فبالحدس ندرك حقائق التجربة مثلما ندرك الحقائق العقلية و كذا بهنكشف عن أمور لا سبيل إلى الكشف عنها بطريق سواه و هو بهذا أشبه بالرؤية المباشرةأو الإلهام أو الحاسة السادسة حتى .و قد اعتبره ديكارت سبيل بلوغ الحقائق البديهيةو و ارتأى برغسون أنه المسلك الوحيد لمعرفة المطلق , أما المتصوفة فجعلوا منه نهجهمفي الكشف عن الحق / الله . و هنري بوانكاري يرى بأن المرء « يبرهن بالمنطق و يخترعبالحدس » .
حدوث Contingence: هو كون الشيء مسبوقا بالعدم , و هو ضربان : حدوث زماني و هو كون الشيء مسبوقا بالعدم زمانا , و حدوث ذاتي و هو افتقار الشيء فيوجوده إلى الغير . ( انظر : أزل / حادث / سرمد ) .
حق Vrai : أحد القيمالثلاث : الحق / الخير / الجمال , التي تؤلف مبحث القيم العليا ( الأكسيولوجيا ) . و الحق عند الفلاسفة المثاليين صفة عينية كامنة في طبيعة الأقوال, و بالتالي فإنالحكم بأن قولا ما حق يكون حكما ثابتا لا يقبل التغيير . بينما عند الفلاسفةالماديين يعتبر الحق صفة يضفيها العقل على الأقوال طبقا للظروف و بالتالي فإن الحكمعلى قول ما بأنه حق قابل للتغيير بتغير من يصدر الحكم و ظروفه , بل و من هؤلاءالفلاسفة من ذهب إلى أن الحق مجرد تعبير عن وجدانان بمعنى أنه عبارة عن استحسانلقول لا يحتمل الصواب و لا الخطأ . و أما عند فلاسفة الإسلام فالحق اسم من أسماءالله الحسنى و صفة من الصفات الواجبة في حقه تعالى . ( انظر : أكسيولوجيا / جمال / خير / قيمة / معيار ) .
حقيقة Vérité : عند المناطقة هي ما لا يقبل النقض ولا يحتاج إلى إثبات جديد . و أما عند الفلاسفة فالحقيقة هي مطابقة الفكر لموضوعه , إلا أن موضوع الفكر قد يكون هو الفكر ذاته و هنا تكون الحقيقة هي مطابقة الفكرلذاته و هذا هو موقف العقلانيين و المناطقة , كما أن موضوع الفكر قد يكون هو الواقعو هنا تصبح الحقيقة هي مطابقة الفكر للواقع و هذا هو موقف التجريبيين و الواقعيين ونفس هذا الموقف ينخرط فيه المتكلمون و فلاسفة الإسلام حين يذهبون إلى أن الحقيقة هيمطابقة ما بالأذهان للأعيان . و الحقائق الأزلية- الأبدية ( السرمدية Vérités éternelles ) عند ديكارت و مالبرانش ثابتة لا تتبدل لكونها مستمدة من الله . والحقائق على العموم قد تكون قبلية A priori سابقة على التجربة ( كالحقائق الدينيةمثلا ) كما أنها قد تكون بعدية A posteriori ناتجة عن التجربة ( كحقائق العلومالتجريبية ) .
حكم Jugement : فكرة يعبر عنها في صورة تقديرية أو تقريرية , و هي تعطي تأكيدا ما عن موضوع ما , و قد تكون صادقة أو كاذبة ( صحيحة أو خاطئة ) . و الحكم في المنطق ضربان أولهما تحليلي Jugement analytique و هو ما كان محمولهمتضمنا في موضوعه مثل قولنا : الإنسان الكامل عادل . و ثانيهما تركيبي Jugement synthétique و هو ما لم يشتمل موضوعه على محموله و لا يمكن الفصل بين صدقه و كذبهإلا بالاستناد إلى التجربة و الواقع مثل قولنا : كل الكواكب تدور حول الشمس . و فيالفلسفة نميز بين نوعين من الأحكام : أحكام قيمة Jugement de valeur و هي أحكامتقديرية إذ تدل على تقدير الأشياء و الأفعال من حيث الأفضل و الأحسن مثل قولتا : الحديقة غاية في الجمال . ثم أحكام واقع Jugement de réalité و هي أحكام تقريرية إذأنها تقرر واقعة أو تصف الأشياء و الأفعال بما هي عليه في الواقع مثل قولنا : مساحةالحديقة هكتار . و من ثم فالأحكام الجمالية و الأخلاقية كلها أحكام قيمة أي أحكامتقديرية . ( انظر : أكسيولوجيا / قيمة / معيار ) .
حكم مسبق Préjugé : حكمذاتي مبيت , أي تحيز في الحكم على الناس أو الأشياء أو الأفعال و الميل مع الهوىدون تثبت و تمحيص .
حكمة Sagesse : عند أفلاطون الحكمة Prudence إحدىالفضائل الرئيسية الأربع و هي : الحكمة و الشجاعة و العفة و العدل . و الحكمة هناتعني قوة الروح و معرفة الحق و سداد الرأي و بعد النظر و استبصار عواقب الأمور والاتزان و التريث و الأخذ بالعبر... و قد أطلقت قديما على ما يرادف الفلسفة إذ تبحثبوجه عام في الله و العالم و الإنسان غي سبيل تكوين رؤية للوجود .قال الجرجاني فيالتعريفات « الحكمة علم يبحث في الأشياء على ما هي عليه في الوجود و بقدر الطاقةالبشرية » . ( انظر : حكيم / فلسفة / فيلسوف ) .
حكيم Sage : هو بوجه عام منتصدر أفعاله و أقواله عن روية و تفكير سليم . و الحكيم لفظ أطلق على الفلاسفةالفيزيائيين اليونانيين السبع و إن اختلف القدماء في عددهم و أسمائهم . كما أنالحكيم هو المشتغل بالحكمة أي الفيلسوف . و عند لافونتين « الحكيم هو الذي لا يرهبالموت » و منه معنى الطبيب عند العرب القدامى بل و حتى اليوم في المشرق العربي . ( انظر : حكمة / فلسفة / فيلسوف ) .
خطاطة / صورة تخطيطية Schéma : رسم بيانيمبسط يستهدف التعبير بدقة و وضوح عن السمات الجوهرية لموضوع أو لفكرة ما , فيبينعلاقات معروفة أو السير العام لظاهرة ما .
خير : Bienأحد القيم الثلاث فيالأكسيولوجيا . و الخير في اعتبار الفلاسفة المثاليين صفة كامنة في طبيعة الأفعال ومن ثم فهي ثابتة لا تتغير . بينما الخير عند الفلاسفة الماديين صفة يخلعها العقلعلى الأفعال وفقا لمختلف الظروف و الأحوال و من ثم فهي تختلف باختلاف هذه الظروف . و المراد بالخير بصفة عامة كل قول أو فعل يبعث على الرضا و الاستحسان لكماله فينوعه أو لملاءمته أو لفائدته أو لاتفاقه مع الأوامر الإلهية . و الخير نقيض الشر Le mal و هما معا من المعايير الكبرى للقيم الأخلاقية . أما الخير الأسمى Bien souverain / Bonté suprême أو الخير المحض Bien pur أو الخير المطلق Bien absolu أوالخير الأول فهو الله ( غاية الغايات ) . ( انظر : أكسيولوجيا / قيمة / معيار / جمال / حق ) .
دليل Preuve : هو ما يقود الذهن إلى التسليم بأحقية و صدققضية ما كانت موضع شك و تساؤل من قبل , و قد يكون الدليل مجرد أمارة أو ظاهرة معينةأو واقعة تجريبية أ وثيقة أو شهادة شاهد أو ضربا من الاستدلال المنطقي ... قالالجرجاني في التعريفات « الدليل هو الذي يلزم من العلم به العلم بشيء آخر » . ( انظر : حجة ) .
ذات Sujet : يقول ابن رشد « و أما ذات الشيء إذا استعملتهكذا مضافة فإنما نعني بها ماهيته » فالذات Essence هي حقيقة الموجود و جوهره و منثم فهي تقابل العرض . و أما الذات Sujet سيكولوجيا فهي ما به الشعور و التفكير , إذتقف الذات على الواقع و تتقبل الرغبات و المطالب , و توجد الصور الذهنية , و تقابلالعالم الخارجي ( الموضوع Objet ) . و الذاتي Subjectif هو ما ينتسب إلى الذات ممايتصل بها أو يخضع لها , فيقال تفكير ذاتي أو حكم ذاتي و هو يقابل الموضوعي Objectif . و الذاتي يطلق توسعا على ما مصدره الفكر لا الواقع , و منه الأحكام الذاتية فيمقابل الأحكام الموضوعية و المنهج الذاتي في مقابل المنهج الموضوعي . و الذاتية Subjectivisme نزعة ترمي إلى رد كل شيء إلى الذات و تقديم الذاتي على الموضوعي . ( انظر : موضوع / جوهر / ماهية ) .
سرمد Eternité : ما لا أول له و لا آخر , فهو خارج عن مقولة الزمان , موجود بلا بدء و لا نهاية . يقول الجرجاني في التعريفات « الأبد استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب المستقبل , كما أنالأزل استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب الماضي , و السرمدي ما لاأول له و لا آخر « . ( انظر : أبد / أزل ) .
سفسطة : Sophismeو تشتق منالكلمة اليونانية " سفزما " و معناها التميز بالمهارة و الحذق , ثم أخذت تدل بعدذلك على القول المموه أو القياس الخداع المغالط و الذي يلتمس منه التلبيس و التدليسعلى الناس و التغرير بهم . و السوفسطائي من كان دأبه اعتماد الأقوال البلاغيةالخلابة و المحسنات البديعية الجذابة و التوسل إلى اللغة بساحريتها بغية استمالةالمتلقي و استدراجه إلى قبول ما كان يرفضه أو رفض ما كان يقبله أي إقناع الآخر بقوةاللغة و سلطويتها لا بسلطة الحجة و قوتها .
شك Doute :أصل الشك لغة من قولك : شككت الشيء إذا جمعته بشيء غيره و أدخلته فيه . و الشك حالة نفسية يتردد معهاالذهن بين النقيضين : الإثبات و النفي دون ترجيح أحدهما على الآخر فيتوقف عن إصدارالحكم و الانتصار لهذا أو ذاك . أما إذا ترجح أحدهما و لم يطرح الآخر فهو ظن Opinion . و الشك أنواع أهمها : الشك المنهجي و الشك المطلق . فأما الشك المنهجي Doute méthodique ( أو الصوري Formel ) فهو مرحلة أساسية من مراحل منهج البحث فيعلوم شتى على رأسها الفلسفة , و قوامه هنا تمحيص المعاني و الأحكام تمحيصا تامابحيث لا يقبل منها إلا ما ثبت يقينه , و من أبرز من قال به أبو حامد الغزالي و منبعده ديكارت . فهذا ديكارت يقول « رأيت أن أعتبر كل ما أستطيع أن أتوهم فيه أقل شكباطلا على الإطلاق , و ذلك لأرى إن كان لا يبقى لدي بعد ذلك شيء خالص من الشك تماما » ( مقال في المنهج ) . و أما الشك المطلق Doute absolu فهو شك مضطرد و حال مستقرةإذ يتردد أصحابه دوما بين الإثبات و النفي و بذلك فهم يتوقفون عن إصدار الحكم أوتقريره و هم طبقة الشكاك . فإذا كان الشك المنهجي شكا من أجل اليقين إذ يكون الشكمجرد وسيلة فإن الشك المطلق شك من أجل الشك إذ يصبح الشك هنا هدفا في حد ذاته.
صانع Démiurge :مصطلح أطلقه أفلاطون في محاورته " طيماوس " للإشارة إلىصانع و مبدع الكون , و يمكن أن يعد بمثابة الإله عنده و إن كان قد اعتبر الحق والخير و الجمال آلهة أيضا . كما أطلق هذا اللفظ كذلك أفلوطين الأسكندري للدلالة علىالنفس الكلية / العالمية باعتبارها حين تتوجه نحو العقل الصادرة عنه تلد ( أو تصدرو تفيض عنها ) نفوس الكواكب و نفوس البشر و سائر الكائنات .
صورة Forme : ما قابل المادة , و قد عني أرسطو بهذا التقابل و بنى عليه فلسفته كلها و طبقه فيالطبيعة و النفس و المنطق . فصورة التمثال عنده هي الشكل الذي أعطاه إياه النحاتأما مادته فهي ما صنع منه التمثال من مرمر أو خشب أو نحاس . و الإله عنده صورةخالصة و النفس صورة الجسم . أما كانط فقد ميز بين مادة المعرفة ( المحتوى أوالمضمون ) و صورتها ( الشكل أو القالب ) . ( انظر : صورة ) .
صوري Formel : ما يتعلق بالصورة وحدها ( الشكل ) دون النظر إلى المادة ( المضمون ) كالمنطق الصوريالذي يهتم بشكل القضايا دون محتواها . ( انظر : صورة / صورية / منطق ) .
صورية : Formalismeاتجاه يرمي إلى التعويل على الشكل دون المضمون أيإهمال العنصر المادي . و منه الصورية في علم المنطق لأنه يقيم قوانينه دون استفتاءالتجربة , و الصورية في علم الجمال هي التي يقول بنظرية الفن للفن , كما أن الصوريةفي علم الأخلاق هي التي تؤسس القيم الأخلاقية على فكرة الواجب من أجل الواجب أيمراعاة الأخلاق احتراما للآخر لا خوفا منه . أما العلة الصورية عند أرسطو فهي إحدىعلل الوجود الأربعة ( المادية / الفاعلة / الغائية و الصورية ) و هي أساسا ما عليهالشيء يكون أي الشكل الذي يبدو عليه الشيء – الكائن – الموجود . ( انظر : صورة / صورية / علة ) .
صيرورة Devenir : هي التغير في ذاته من حيث إنه انتقال منحال إلى أخرى و هو يقابل الثبات أو الثبوت و السكون . عدها هيراقليطس صراعا بينالأضداد ليحل بعضها محل بعض . و اعتبرها هيجل سر التطور إذ أن الوجود من حيث هوكذلك أكثر المعاني تجريدا أو خواء و مثله اللاوجود في حين أن الصيرورة وجود ولاوجود أي ما سيصار إليه , و هي التي تحل التناقض بين الوجود و اللاوجود . أما عندبرغسون فالصيرورة هي عين الوجود و عين نسيج الأنا . ( انظر : وجود / عدم ) .
عالم Monde : يعد فيتاغوراس أول من سمى الشيء المحيط بالكل عالما , ومعناه في لغة اليونان ( Kosmos ) الزينة أو المزدان لما فيه من النظام و الجمال , وفي اللاتينية ( Mundus ) الرشاقة عديمة النظير . و العالم بوجه عام مجموع الأجسام والكائنات الطبيعية كلها من أرض و سماء و ما بينهما . يقول الجرجاني في التعريفات « العالم كل ما سوى الله من الموجودات » . و العالم الخارجي Monde extérieur أوالعالم الحسي Monde sensible / عالم المحسوسات هو مجموع الأشياء التي يمكن أن تدركبالحواس , و هو يقابل العالم الداخلي Monde intérieur أو العالم المعقول Monde intelligible / عالم المعقولات و هو ما يتصل بالذهن و التفكير من ماهيات و جواهر ومثل . و النسق الفلسفي الأفلاطوني برمته ينبني على أساس التقابل بين عالميالمحسوسات ( العالم السفلي الإنساني ) و المعقولات ( العالم العلوي الإلهي ) .و هذاالتقابل هو أساس الخلاف بين المثالية و المادية في الفلسفة . ( انظر : مثل ) .
عدم / لا وجود Néant : « و العدم ضد الوجود , فهو نفي شيء من شأنه أن يوجد » ( ابن سينا في النجاة ) , و ليس ثمة عدم مطلق و إنما يضاف إلى شيء معين , و العدم Privation كذلك نقص صفة كان الأصل فيها أن توجد كالعمى بالنسبة للإنسان و يقابلالملكية Possession ( انظر : وجود / صيرورة ) .
عرض Accident : و هو الموجودفي موضوع أو المحمول عليه أو ما قام بغيره , و يقابل الجوهر و الذات . و اسم العرضمنقول مما يدل عليه عند الجمهور إذ يعني الشيء الطارئ و السريع الزوال , « و ينقسمبالجملة إلى المقولات التسع التي هي الكمية و الكيفية و الإضافة و أين و متى والوضع و له و أن يفعل و أن ينفعل » على حد تعبير ابن رشد في تلخيص ما بعد الطبيعة . ( انظر : جوهر / مقولة ) .
عقل Intellect / Raison : لغويا جاء في المنجد فياللغة والأعلام ما يلي: «عقل البعير: ثنى وظيفة مع ذراعه وشدهما معا بحبل وهوالعقال. وعقل الدواء بطنه: أمسكه…عقل الغلام: أدرك …وعقل الغلام: جعله عاقلا» ومنهذا نستشف أربع دلالات للعقل: فهو أولا قيد يشد صاحبه ويعقله عن الوقوع في الخطأوالمهالك وهو ثانيا إمساك عن الانغماس في الملذات وإتباع الشهوات، وهو ثالثا إدراكلماهية الأشياء وقدرة على التمييز فيما بينها، وهو رابعا تذكر لما مضى من أقوالوأفعال وأحداث. أما اصطلاحا فيطلق العقل على أسمى صور العمليات الذهنية عامة و علىالبرهنة و الاستدلال خاصة . و العقل على العموم ملكة أو قوة في الإنسان تدرك طوائفمن المعارف اللامادية : فالعقل يدرك أولا ماهيات الماديات أي كنهها و جوهرها لامطهرها , و يدرك ثانيا معاني عامة كالوجود و العدم و الجوهر و العرض و العلة والمعلول و الخير و الشر و الصواب و الخطأ ..., و يدرك ثالثا علاقات أو نسبا كثيرةكالتماثل و الاختلاف و التناسب و التناقض ..., و يدرك رابعا مبادئ عامة في كل علمعلم و في العلوم إجمالا , و يدرك خامسا وجود موجودات لا مادية / لا حسية كالله والملائكة و الجن و الشياطين... و قد قسم العقل منذ القديم إلى عقل نظري Raison théorique ينصب على الإدراك و المعرفة و فك رموز العالم و غزو مجاهيله , ثم عقلعملي Raison pratique ينصب على الأخلاق و السلوك و المعاملات الإنسانية . و قد عززكانط هذه التفرقة بكتابيه " نقد العقل النظري " و " نقد العقل العملي " .
علة Cause : لغويا ما يتغير حكم غيره به أو ما يؤثر في غيره و يقابلالمعلول . آثر الفلاسفة المسلمون لفظ " علة " بينما استعمل الغزالي و المتكلمون لفظ " سبب " و هو ما جرى به العرف اليوم . و العلل عند أرسطو أربعة : علة مادية و هي مامنه الشيء يكون ( كالخشب بالنسبة للكرسي ) , و علة صورية و هي ما عليه الشيء يكون ( كالشكل الذي عليه الكرسي ) , و علة فاعلة و هي ما به الشيء يكون ( كالنجار الذييصنع الكرسي ) , و علة غائية و هي ما من أجله الشيء يكون ( كالجلوس الذي من أجلهصنع الكرسي ) . و علة العلل Cause des causes تطلق على الله وحده على اعتبار أن لاعلة له . و عند المحدثين اقتصر الأمر على العلة الفاعلة و تسمى السبب , و هو مايترتب عليه مسبب عقلا أو واقعا (فالمقدمات الصادقة سبب صدق النتيجة في المنطق كماأن بعض الظواهر الطبيعية سبب ظواهر أخرى في الواقع ) . و العلية أو السببية Causalité هي العلاقة القائمة بين العلة و المعلول أو بين السبب و المسبب ( النتيجة ) . و مبدأ العلية أو السببية أو Principe de causalité أو السبب الكافي أو العلةالكافية Principe de la raison suffisante هو أحد مبادئ العقل و المنطق الكلاسيكيةالأربعة و المراد به أنه ما من معلول إلا و وراءه علة أي ما من مسبب إلا و وراءهسبب و العلة الأولى هي الله . ( انظر : غاية / غائية ) .
علم Science : بوجهعام هو معرفة و إدراك الشيء على ما هو عليه .جاء في معجم لالاند بأن العلم « يقالعلى مجموعة معارف تتميز بالوحدة و التعميم و لا تستند إلى الفروق الفردية أوالأذواق الشخصية » , فهو إذن دراسة ذات موضوع محدد و منهجية خاصة توصل إلى طائفة منالمبادئ و القوانين , و هو ينصب على القضايا الكلية و الحقائق العامة المستمدة منالوقائع و الجزئيات . و العلم ضربان : نظري Théorique يستهدف تفسير الظواهر و الكشفعن القوانين التي تحكمها , و عملي Pratique يرمي إلى تطبيق القوانين النظرية علىالوقائع و الحالات الجزئية .
عنصر Elément : ( انظر : اسطقس ) .
عيني Concret : أي المشخص في مقابل المجرد أو المادي الخارجي في مقابل الذهني الداخلي . و هو ما قام بنفسه أو ما يدرك بإحدى الحواس أي محسوس , و لذلك نسب إلى العين فيمقابل الذهني المنسوب إلى العقل . ( انظر : عالم / تجريد / مجرد / محسوس ) .
غاية Fin : و هي في تعريفات الجرجاني « ما من أجله يكون الشيء أو العمل » , أو هي ما ينزع إليه الإنسان أو باقي الكائنات قصدا أو عن غير قصد . ( انظر : علة / غائية ) .
غائية Finalité : صفة كل ما يتجه عن قصد إلى هدف معين , و منهاالملاءمة بين الوسائل و الغايات و خضوع الأجزاء إلى الكل . . و هناك غائية خارجيةيكون الهدف فيها خارجا عن الكائن نفسه , ثم غائية داخلية يكون الهدف فيها في ذاتالكائن . و مبحث الغائية Téléologie هو أحد أقسام الميتافيزيقا و يقوم على أنالعالم مرتبط بعضه ببعض ارتباط علة بغاية , و هو بهذا يخالف بل و يعارض النزعةالميكانيكية Mécanicisme أو النزعة الآلية Automatisme . ( انظر : غاية / علة ) .
فساد Dégénération / Corruption : جاء في التعريفات للجرجاني « الفسادزوال الصورة عن المادة بعد أن كانت حاصلة » . فمن يقول بمادة واحدة يعتبر الفسادتعيرا كيفيا في هذه المادة ( موقف الذريين ) . و من يقول بمواد عدة يعتبر الفسادافتراق الأجزاء المؤلفة للجسم و تحللها . أما أرسطو فيقول بأن الهيولى القابلةللصور هي علة الفساد . و الفساد مقابل للكون في فلسفة أرسطو مقابلة الفناء للوجود . ( انظر : مادة / صورة / كون / وجود / عدم) .
فطري Innée : ما يخص طبيعةالكائن و يصاحبه منذ نشأته , و منه الأفكار الفطرية Idées innées و هي التي لمتستمد من التجربة . و الفطري يقابل المكتسب Acquis . أما الفطرية Innéisme فهي مذهبيسلم بوجود أفكار و مبادئ في الذهن منذ النشأة , و أوضح ما يكون هذا التصور لدىديكارت الذي اعتبر « العقل أعدل قسمة بين الناس » و قسم الأفكار إلى : فطرية ومصطنعة ثم عارضة , « و الفطري عنده يقال على وقائع الشعور و التجربة الباطنة والصور الأولية للمعرفة » على حد تعبير لالاند . و تجدر الإشارة هنا إلى ضرورةالتمييز بين الفطري و الأولي-القبلي و البداهة و الحدس . ( انظر : أفكار فطرية / أولي / قبلي / بداهة / حدس ) .
فعل Acte : ( انظر : بالفعل ) .
فلسفة Philosophie : على المستوى الاشتقاقي تتركب كلمة فلسفة من كلمتينيونانيتين و هما : فيلوس Philos و معناها حب أو محبة ثم صوفيا Sophia و معناهاالحكمة , و لذا اعتبرت الفلسفة محبة أو حب الحكمة . أما على المستوى الاصطلاحي فقدعرفت الفلسفة عدة تعريفات تعددت و تباينت بتعدد و تباين الفلاسفة أنفسهم و عصورهم ومجتمعاتهم و انتماءاتهم الاجتماعية و الفكرية ( الدينية و السياسية ... ) . ففياليونان مثلا عرفها أفلاطون بأنها « علم الحقائق المطلقة الكامنة وراء ظواهرالأشياء » , بينما عرفها تلميذه أرسطو باعتبارها « علم الوجود بما هو موجود » أي منحيث هو موجود , أو باعتبارها « علم المبادئ و العلل الأولى للوجود » أي من خلالمعرفتنا بعلل و أسباب الوجود . أما الرواقيون فاقتصروا فيها على المنطق و الأخلاق والطبيعة . و إذا انتقلنا إلى العرب في العصر الوسيط فنجد الغرض من الفلسفة عند ابنسينا هو الوقوف على حقائق الأشياء